2013-03-18

ملك الحياة البرية




أوقف سيارته بشكل مفاجيء وقفز منها مشيرا لرجل يقود حمارا أعياه التعب بالتوقف قليلا ثم عاد الى السيارة وأخرج قطعة قماش يبدو انها من الكتان الناعم من جيب السيارة الداخلي ، لم افهم في البداية تصرفه فقفزت خلفه من الجهة الاخرى من السياره حاملا الة التصوير التي تخصني لأستطلع الامر ، بادر بمعاتبة الرجل صاحب الحمار بقوله : كيف تقسو على حمارك الذي يخدمك ويعينك في عملك وتربط لجامه الحديدي بشكل تسبب في جروح وتقرحات حول فكي الحمار ؟ ثم بدأ باصلاح الخلل الذي ارتكبه الفلاح والذي بدا سعيدا بما فعله هذا الغريب تطوعا ورأفة بحماره .


لم يكن ذلك التصرف هو الوحيد الذي فاجأني به المهندس الزراعي عماد الاطرش مدير جمعية الحياة البريه في فلسطين ، ذلك الكهل الممتليء حيوية ونشاطا للحد الذي أغبطه عليه وهو في مثل سني ، وأقدر كفاءته وعشقه لعمله ، فقد كانت رحلتي معه بمجملها مليئة بالمفاجئات بحكم انها المرة الاولى التي ارافقه في رحلاته الاستكشافيه والبحثيه التي يقوم بها بشكل مستمر . عماد الاطرش أو كما أطلقت عليه لقب (ملك الحياة البريه) قابلته قبل اكثر من عقد ونصف في لقاء تلفزيوني اثناء اعدادي تقرير عن نشاط له ولمجموعته في مدرسة طاليتا قومي اوضح لي حينها أهمية ايلاء الجانب التثقيفي البيئي الاهمية في المدارس والمناهج التعليميه واعترف انني لم أولي أقواله الاهمية الكافيه في ذلك الوقت بسبب نقص الثقافه البيئيه سواء لدي أو لدى المجتمع المحلي بشكل عام ، واليوم وانا أشاهد هذه الثقافه تسود شيئا فشيئا لدى الكثيرين لأدرك ماقام به عماد وأمثاله من جهود جباره في تعميم ثقافة الحفاظ على البيئه وحماية الطبيعه التي تتعرض للتدمير الذي يكلف البشر انعدام مقومات الحياة مستقبلا ، ولعل المتتبع لحال البيئة الفلسطينيه يدرك قبل غيره ما طرأ عليها من تغيرات سلبيه على صعيد الارض والثروة الحيوانيه والمياه حتى الكنوز الاثريه والطبيعيه طالها ما طالها من تخريب وتشويه بموازاة الاعمال الاحتلاليه والاستيطانيه التي ساهمت بشكل كبير جدا في تخريب الطبيعه الفلسطينيه ، جولتي يوم السبت الماضي برفقة عماد الاطرش وعدد من الزملاء الصحفيين أضافت لمعلوماتي الكثير حول هذا الموضوع وخلقت لدي حافزا للعمل الجاد في هذا الاتجاه وكشفت لي ايضا عن رجل يعمل بمهنية عاليه اتمنى ان نجد كثرا شبيهين له في بلادنا لانقاذ مايمكن انقاذه فهو لم يترك زهرة او شجرة او حيوانا او طيرا في السماء الا وقام بالتقاط العديد من الصور له واتبعها بشرح مفصل عما رأيناه ، تحية لك عماد واتمنى ان تواصل عملك بنفس الهمة والنشاط ليتواصل النجاح .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق